عدّ نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، قيس عبد الكريم، قرار رئيس السلطة محمود عباس بتأجيل الانتخابات التشريعية "نكسة" للجهود التي بذلت على امتداد العام الماضي من أجل الخروج من مأزق الانقسام الفلسطيني.
وقال عبد الكريم في حوار مع صحيفة "فلسطين": "إن تأجيل الانتخابات ألحق ضررًا جسيمًا في الحالة الفلسطينية ويُهدد بنتائج قد تكون مدمرة، لكن علينا في الوقت نفسه أن نسعى لمعالجة أي ضرر من خلال الضغط لاستئناف التحضير للانتخابات واستئناف العمل لإنهاء الانقسام من خلال التوافق الوطني إن أمكن ذلك".
وشدد على ضرورة استئناف الحوار الوطني من أجل الوصول لتوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تعالج تداعيات الانقسام وتهيئ لإجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، بالتوافق على كيفية حضور القدس في هذه العملية الانتخابية.
ودعا للعمل من أجل تمثيل جميع القوى الوطنية في المجلس المركزي تمهيدًا لتشكيل مجلس وطني جديد بالانتخاب حيث أمكن وبالتوافق، إذ يتعذر إجراء الانتخابات من أجل التأسيس لمشاركة الجميع في المؤسسات التمثيلية لمنظمة التحرير وفي مؤسسات صنع القرار.
إلغاء للعملية الانتخابية
واستبعد عبد الكريم تحديد موعد جديد لعقد الانتخابات الفلسطينية، قائلا: "من الواضح أن التأجيل إلى أمد غير مسمى، وهو بمكانة إلغاء للعملية الانتخابية، لكن علينا أن نسعى بكل الوسائل الممكنة من أجل تحديد موعد جديد بما في ذلك التوافق على كيفية معالجة مسألة حضور القدس في العملية الانتخابية".
وأكد أن حضور القدس في معركة الديمقراطية لا ينبغي أن يأتي من خلال انتظار موافقة الاحتلال، عادًّا أن البرتوكول الملحق باتفاق أوسلو المتعلق بموضوع الانتخابات في القدس هو برتوكول مُخزٍ ولا يجسد على الإطلاق فكرة السيادة الفلسطينية في القدس.
ولفت إلى أن الملحق يتيح التصويت لبضعة آلاف من أبناء القدس في مراكز البريد الإسرائيلي وكأنهم جالية أجنبية في غياب لجنة الانتخابات المركزية وأي تمثيل للسلطة الفلسطينية.
وأضاف: "منذ البداية دعونا للتوافق على خطة وطنية من أجل فرض إجراء الانتخابات في القدس بصرف النظر عن موقف الاحتلال وبغض النظر عن هذا البرتوكول المهين، ومن خلال الاشتباك الميداني والسياسي مع سلطات الاحتلال بمشاركة كل القوى الإقليمية والدولية التي هي مستعدة لترجمة إيمانها بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان لفعل جدي على الأرض".
نظام سياسي ضعيف
وبشأن شكل النظام السياسي بعد تأجيل الانتخابات، قال عبد الكريم: إن "تأجيل الانتخابات أضعف كثيرا مصداقية هذا النظام السياسي وأظهر مشكلاته وتناقضاته إلى العلن وهذا قد يساعد أيضًا في أن تكون الجولات القادمة للحوار الوطني أكثر صراحة وملامسة لواقع هذا النظام على طريق ديمقراطيته وإصلاحه على أساس من الوحدة والشراكة في صنع القرار".
وحول دعوة رام الله لتشكيل حكومة وحدة وطنية إن كانت مخرجا للأزمة أم مناورة، قال نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية: "مطلوب حكومة وحدة وطنية قد لا تكون مخرجًا أو وافيا للأزمة، مستدركًا: "لكن لا شك أنها يمكن أن تساعد في معالجة الآثار السلبية التي ترتبت على قرار التأجيل".
ولفت إلى أن مشاركة الجبهة الديمقراطية في الحكومة يتوقف على الصيغة التي ستتشكل فيها وعلى برنامجها والمهمات التي تقوم بها، وهو أمر "ستدرسه هيئات الجبهة عندما يحين الوقت وتتخذ القرار المناسب".
دعوة هنية
وبشأن دعوة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لاجتماع عاجل لكل القوى والفصائل لمناقشة "إنقاذ الحالة الوطنية"، أكد أن دعوة هنية تنسجم مع موقف الجبهة الديمقراطية بأن المطلوب استئناف الحوار الوطني الشامل بأسرع وقت لمعالجة الآثار السلبية لقرار التأجيل.
ولفت إلى أن الدعوة تدفع وتشجع على استئناف العمل من أجل حوار جاد لتقييم المسيرة السابقة ومعالجة ما تخللته من ثغرات وإرساء الخطوات المقبلة على أسس أكثر مكانة.
وبخصوص وضع المجلس التشريعي بعد قرار تأجيل الانتخابات، أشار عبد الكريم إلى أن المجلس التشريعي كان معطلا قبل أن يصدر قرار "المحكمة الدستورية" بحله.
وقال: "نحن كنا من المعارضين للقرار الذي صدر عن المحكمة، لكن علينا أن نرى الحقيقية أن المجلس لم يكن قادرا على تجاوز آثار الانقسام وتداعياته بل سقط ضحية لهذا الانقسام وتخلف عن القيام بدوره بمعالجة النتائج السلبية للانقسام واستعادة الوحدة".
وأضاف" أن الحل ليس إحلال القديم وإنما انتخاب مجلسا تشريعيا ووطنيا جديدا يجسد الإرادة الشعبية وإرادة مئات الآلاف من الشباب الذين دخلوا حلبة النضال والمقاومة في السنوات الماضية والذين يريدون أن يروا من ينتخبونهم ممثلين لهم في المجلس التشريعي والوطني".
وعن إمكانية القفز عن أزمة المجلس التشريعي لإصلاح منظمة التحرير، أعرب عبد الكريم عن اعتقاده بإمكانية الإقدام على خطوة سريعة بهذا الاتجاه، بمشاركة جميع القوى الفلسطينية في المجلس المركزي الفلسطيني، خاصة القوى التي ما زالت خارج مؤسسات منظمة التحرير مثل حماس والجهاد الإسلامي.
ولفت إلى أنه بما أن المجلس المركزي قد تلقى تخويلا من المجلس الوطني بدورته الأخيرة بأن يتولى صلاحيات المجلس الوطني في الحالات الطارئة، فهذا يمكن من تشكيل لجنة تنفيذية مؤقتة يكون فيها تمثيل واسع لقوى شعبنا الفلسطيني الفاعلة وتكون مقدمة لانتخاب مجلس وطني جديد يؤسس للوحدة والشراكة في عملية صنع القرار.